الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة بعد هجوم الزيتـونـة على الـحــوار التونسي: هل إنّ حياة كلّ من الورتاني والطالبي والشابي في خطر؟

نشر في  11 ماي 2016  (11:48)

لأسباب قالت عنها خارجة عن ارادتها، عدلت قناة الزيتونة بداية هذا الأسبوع عن بث حلقة خاصة من برنامج «نقطة ساخنة» لمقدمه مقداد الماجري والتي كانت ستسلط الضوء على برامج قناة الحوار التونسي، مع العلم وان قناة الزيتونة عنوت الحلقة «المؤجلةّ الى وقت غير محدّد  بـ«اعلام أم اجرام».
وجاء في تنويه بثته القناة اسفل الشاشة ان سبب عدم بث الحلقة المذكورة آنفا هو  «انقطاع خط الفيبر الرابط من مزود الخدمة دون مدنا بسبب» ويذكر ان الماجري دعا  المشاهدين لمتابعة  هذه الحلقة «الحدث» واصفا اياها بـ «السنوات الخمس الخداعات.. خفايا وتفاصيل هدم القيم والأخلاق في تونس».
حصة تلفزية وصفها البعض بشن حملة ممنهجة ضدّ قناة الحوار التونسي، وان هذه الحملة التي تقودها قناة الزيتونة ماهي الا استمرار للحملة التي انطلقت منذ مدة على صفحات التواصل الاجتماعي والداعية لمقاطعة برامج الحوار التونسي خاصة بعد البرامج التي سلطت الضوء على مواضيع «تابو» منها المثلية الجنسية والقرآن وغيرها من المواضيع التي اعتبرها البعض تمس من قيم المجتمع التونسي.
ولأن ما تقدم عليه قناة الزيتونة في غاية من الأهمية وقد يدخل في خانة التحريض ضدّ قناة تلفزية منافسة لها، ارتأينا تسليط الضوء على خفايا ما يحصل بالمشهد المرئي التونسي وخاصة بين الزيتونة والحوار التونسي .

النوري اللجمي: أرفض هذا الخطاب

في البداية كان لنا اتصال برئيس الهيئة الوطنية للاعلام السمعي البصري النوري اللجمي، الذي أكد أن قناة الزيتونة تبث بطريقة غير قانونية، مضيفا ان السلط الأخرى ترفض التدخل في هذا الموضوع.
من جهة أخرى ذكر اللجمي أن ما تبثه قناة الزيتونة لا يتلاءم مع أخلاقيات المهنة، وان الهايكا سجلت عديد التجاوزات ضدّها.
اما بخصوص الحملة التي تشنها القناة على الحوار التونسي فذكر ان خطابها قد يولد حالة من العنف والكراهية لدى المشاهد ومن واجب الاعلام تسليط الضوء على هذه التجاوزات ومقاومة هذه الظاهرة لأن ما تبثه الزيتونة لا يدخل في خانة حرية التعبير ولا يحترم الضوابط المنظمة للمهنة ومن شأنه ان يقع تحت طائلة القانون .
وختم كلامه بتأكيده انه يرفض رفضا قاطعا خطاب قناة الزيتونة الذي لا يرتقي الى مستوى الاعلام الذي نطمح اليه.

يوسف الوسلاتي: هناك تجاوز للضوابط

من جهته افادنا عضو النقابة الوطنية للصحفيين يوسف الوسلاتي ان ميثاق شرف المهنة الصحفية ينص على أنه من واجب الصحفي ان يتعامل بكثير من التسامح مع مواقف زملائه وألا يعمد للتشهير بهم أو معاداتهم بسبب مواقفهم .
وذكر الوسلاتي انه من غير المعقول ان تتجاوز بعض القنوات التلفزية الضوابط الاخلاقية التي يفرضها ميثاق المهنة وان تسعى لتحقيق اجندات سياسية معينة، مشيرا في الآن ذاته الى أن الحملة التي تشنها قناة الزيتونة ضدّ الحوار التونسي هي واحدة من الحملات التي طالبت بها بعض الأطراف السياسية منذ الثورة والمتمثلة في تكفير وسائل الاعلام.
واسترجع الوسلاتي الحملة التي شنت ضد الاعلام العمومي بعد ان فشلت الترويكا في تطويقه على حدّ تعبيره، وهو ما دفعها في وقت سابق الى تنظيم اعتصامات وتحريض انصارها على كتابة شعارات معادية للصحفيين والاعلام على الجدران، مؤكدا انه ورغم التصدي لتلك المحاولات فقد تواصلت الحملات التي قادتها اطراف سياسية بعينها مما انجر عنه تقسيم الاعلام الى قسمين، قسم سميّ بالاعلام البديل والمتمثل في مجموع القنوات التلفزية التي تقف وراءها اطراف سياسية بالحكم وقسم الاعلام التابع للمنظومة القديمة او ما اتفق على تسميته بـ«اعلام العار» والمتمثل في مجموع القنوات المستقلة والموجودة على الساحة .
واكد الوسلاتي ان الحملة التي تقودها قناة الزيتونة لا تبعد عن هذا السياق والتمشي السياسي ضدّ الاعلام .
واشار الى ان الاعلام كان دائما مطمعا لرجال السياسة من اجل تطويقه وتمرير اجندات سياسية معينة من خلاله، مؤكدا ان وسائل الاعلام التي انخرطت في هذا التوجه انهال عليها المال الفاسد لبعض الاحزاب ورجال الاعمال وهو ما كشفته مؤخرا وثائق بنما وتقارير صحفية اخرى .
وختم حديثه بتأكيد ان هذه الشعارات ولئن كان ظاهرها دفاعا عن قيم معينة فان باطنها حملات سياسية في تعد صارخ على اخلاقيات المهنة .

محمد فهري شلبي: ما جرى غير مقبول

وفي دردرشة جمعتنا بالاستاذ الجامعي و المدير العام السابق لمؤسسة التلفزة الوطنية محمد فهري شلبي، أكد أن ما أقدمت عليه قناة الزيتونة امر غير مقبول، مضيفا انه بامكان أي وسيلة اعلامية ان تنتقد أي ظاهرة اجتماعية او غيرها لكن ان تعمد الى تسمية قناة تلفزية بعينها ولو بالاشارة فان الامر يتحول الى تجاوز خطير لاخلاقيات المهنة وقواعد العمل الصحفي ويدخل في خانة التهجم على شخص طبيعي أو معنوي، مضيفا أنه بالامكان انتقاد السلوك دون تسمية الاشخاص والجهات، وان نناقش الافكار والمواقف دون الانخراط في حملة ممنهجة .
وافادنا الاستاذ شلبي ان تعمد قناة الزيتونة تكرار نفس الموضوع وتسليط الضوء عليه في أكثر من مناسبة هو عبارة عن تهجم مقصود  تقف وراءه نيّة مبيّتة تتجاوز النقد لتصل حدّ الثلب والمسّ من حرية الآخر في التعبير عن مواقفه .
وافادنا محدثنا أنه كان بامكان قناة الزيتونة ان تعالج بعض المواضيع والقضايا التي سبق لقناة الحوار التونسي ان طرحتها بأسلوب مهني وبطريقتها الخاصة دون اللجوء الى مثل هذه الأساليب، لأن ما أقدمت عليه قد يفتح الطريق مجددا أمام السلطة لوضع يدها على الاعلام وبالتالي تعريض مسار كامل الى الخطر .

مقداد الماجري: لست مختصا في التحريض

ولأن المهنية تفرض تمكين كل الأطراف من حقهم في ابداء مواقفهم، كان لنا اتصال بمقدم برنامج «نقطة ساخنة» مقداد الماجري الذي أكد انه لم يتجاوز اخلاقيات المهنة الصحفية وأنه اكتفي بتمرير ومضة اشهارية تضمنت لقطات بثت على قناة الحوار التونسي دون تحريف او ابداء رأي حولها وانه اكتفى بطرح بعض الأسئلة .
وأشار مقداد الماجري الى أن نسبة رواج الومضة يؤكد شغف المواطن وحيرته تجاه ما  يجري ويمرر في بعض وسائل الاعلام، مضيفا ان ما اقدم عليه لا يدخل في خانة التحريض كما ذهب اليه البعض، وانما تسليط الضوء على بعض التجاوزات التي قامت بها قناة الحوار التونسي ومسها من بعض عادات وتقاليد المجتمع التونسي عبر بثها وطرحها لمواضيع حساسة، مؤكدا ان قناة التونسي تراجعت على بث حلقة خاصة عن الشذوذ الجنسي نتيجة الضغط الشعبي .
واستغرب من محاولتنا طرح هذا الموضوع بالذات رغم ان برنامجه سبق له ان تطرق لعديد التجاوزات في قطاعات أخرى على غرار القضاء، مبينا انه لا يعتبر وصيا على ما يقع بثه بتسليطه الضوء على التجاوزات في وسائل الاعلام.
وردا على مقاطعتنا له واعلامه بكون الهايكا هي الهيكل الوحيد المخول له التدخل في فحوى ما يمرر بوسائل الاعلام المرئية، ذكر ان الهايكا لا تقوم بدورها المنوط اليها، وانه لو اقدمت الهايكا على التدخل لما كان له ان تدخل.
وختم كلامه، بقوله ان من مهام الاعلام التعبير عن الضمير الجمعي، وان المجموعة اتفقت على كون ما يمرر على قناة الحوار التونسي هو هبوط اخلاقي .

ختاما نؤكد من جهتنا أنه ليس من حقّ قناة الزيتونة ان تكون وصية على ما يمرر ويبث على بقية القنوات التلفزية وان تصدر أحكامها وتحل محل الهيئات المنظمة للقطاع، وهذا الأمر ينطبق على كافة وسائل الاعلام، حيث بامكاننا تقديم البديل اعلاميا وطرح عديد الظواهر الاجتماعية ومعالجة قضايا وملفات كل من زواية نظره وتوجهه، دون الحكم على غيرنا او محاولة تنصيب أنفسنا حماة للاخلاق الحميدة، لأن كل منا معرّض للخطإ.

إعداد: سناء الماجري